شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268344 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم السواك

قوله: [وهو مسنون مطلقا] لقوله -صلى الله عليه وسلم- السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه أحمد قال في الشرح: ولا نعلم في استحبابه خلافا، ولا نعلم أحدا قال بوجوبه إلا إسحاق وداود .
[ إلا بعد الزوال للصائم فيكره] لحديث علي مرفوعا إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي أخرجه البيهقي .
ولأنه يزيل خلوف فم الصائم، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؛ لأنه أثر عبادة مستطاب، فلم تستحب إزالته كدم الشهداء.


الشرح: السواك مسنون في كل وقت للحديث السابق السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ويتأكد في بعض الأحيان- كما سيأتي إن شاء الله- فالسواك ليس بواجب كما ذهب إليه إسحاق و داود ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أي لأمرتهم أمر إيجاب لأن المشقة تكون به، فلما لم يأمرهم بذلك دل هذا على سنية السواك لا على وجوبه.
وقوله: (إلا بعد الزوال للصائم فيكره) الزوال يكون إذا مالت الشمس إلى جهة الغروب بعد توسطها في السماء، وقد ذهب إلى كراهية الاستياك بعد الزوال للصائم عطاء بن أبي رباح تلميذ ابن عباس - رضي الله عنه- وتبعه على هذا كثير من العلماء، واستدلوا بالحديث السابق استاكوا بالغداة ... وقالوا بأن الاستياك بعد الزوال يزيل خلوف فم الصائم، وهو أطيب من ريح المسك عند الله، والغالب في الخلوف أنه لا يظهر إلا في آخر النهار.
قالوا: والخلوف ناشئ عن طاعة الله فلا ينبغي إزالته، لأنه كدم الشهيد في المعركة لا يزالا عنه لأنه أثر عبادة، حتى يأتي يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك.
والصواب أنه يجوز للصائم أن يستاك بعد الزوال لعموم الأدلة الدالة على سنية السواك، كحديث عائشة السابق السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ولقول عامر بن ربيعة - رضي الله عنه- رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لا أحصي يتسوك وهو صائم .
وأما الحديث الذي استدلوا به وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- استاكوا بالغداة... فهو حديث ضعيف.
وأما قولهم بأن التسوك فيه إزالة لخلوف فم الصائم وهذا لا يستحب لأنه أثر عبادة، فيقال عنه:
أولا: أن تعليلكم هذا يقابل النصوص الصحيحة الصريحة في سنية السواك للصائم ولغيره، فهو تعليل في مقابل النص.
ثانيا: أن ربط الحكم بالزوال منتقض؛ لأن رائحة الفم وهي الخلوف قد تحصل للصائم قبل الزوال؛ لأن منشأها خلو المعدة من الطعام، فلو لم يتسحر الصائم في الليل فإن معدته ستخلو مبكرة، أي قبل الزوال تقريبا.
ثالثا: أن بعض الناس قد لا توجد عنده هذه الرائحة للفم وهي الخلوف في صومه، إما لصفاء معدته، أو أنها لا تهضم بسرعة، فتكون هذه العلة منتقضة، وإذا انتقضت العلة انتقض المعلول؛ لأن العلة أصل والمعلول فرع.
رابعا: أما قياسكم ذلك على دم الشهيد فنقول بأننا قد أمرنا بأن نبقي دم الشهيد عليه؛ لأنه سيبعث يوم القيامة وجرحه يثعب لونه لون الدم وريحه ريح المسك، فلا ينبغي لنا أن نزيل هذا الشيء الذي سيوجد يوم القيامة وسيكون كرامة لهذا الشهيد كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما الخلوف فلم يأت فيه إلا أنه أطيب عند الله من ريح المسك.
خامسا: نقول أيضا أن السواك لا يزيل رائحة الخلوف- كما هو الواقع- لأن سبب الخلوف- كما سبق- هو خلو المعدة من الطعام، وليس سببه ما يحصل للفم من الوسخ ونحوه مما يزيله السواك.

line-bottom