شفاء العليل شرح منار السبيل
حكم السواك
قوله: [وهو مسنون مطلقا] لقوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> السواك مطهرة للفم مرضاة للرب متن_ح> رسم> رواه أحمد حديث> قال في الشرح: ولا نعلم في استحبابه خلافا، ولا نعلم أحدا قال بوجوبه إلا إسحاق اسم> وداود اسم> .
[ إلا بعد الزوال للصائم فيكره] لحديث علي اسم> مرفوعا رسم> إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي رسم> أخرجه البيهقي حديث> .
ولأنه يزيل خلوف فم الصائم، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؛ لأنه أثر عبادة مستطاب، فلم تستحب إزالته كدم الشهداء.
الشرح: السواك مسنون رأس> في كل وقت للحديث السابق رسم> السواك مطهرة للفم مرضاة للرب متن_ح> رسم> ويتأكد في بعض الأحيان- كما سيأتي إن شاء الله- فالسواك ليس بواجب كما ذهب إليه إسحاق اسم> و داود اسم> ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال : رسم> لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة متن_ح> رسم> أي لأمرتهم أمر إيجاب لأن المشقة تكون به، فلما لم يأمرهم بذلك دل هذا على سنية السواك لا على وجوبه.
وقوله: (إلا بعد الزوال للصائم فيكره) الزوال يكون إذا مالت الشمس إلى جهة الغروب بعد توسطها في السماء، وقد ذهب إلى كراهية الاستياك بعد الزوال للصائم رأس> عطاء بن أبي رباح اسم> تلميذ ابن عباس اسم> - رضي الله عنه- وتبعه على هذا كثير من العلماء، واستدلوا بالحديث السابق رسم> استاكوا بالغداة ... رسم> وقالوا بأن الاستياك بعد الزوال يزيل خلوف فم الصائم، وهو أطيب من ريح المسك عند الله، والغالب في الخلوف أنه لا يظهر إلا في آخر النهار.
قالوا: والخلوف ناشئ عن طاعة الله فلا ينبغي إزالته، لأنه كدم الشهيد في المعركة لا يزالا عنه لأنه أثر عبادة، حتى يأتي يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك.
والصواب أنه يجوز للصائم أن يستاك بعد الزوال لعموم الأدلة الدالة على سنية السواك، كحديث عائشة اسم> السابق رسم> السواك مطهرة للفم مرضاة للرب متن_ح> رسم> ولقول عامر بن ربيعة اسم> - رضي الله عنه- رسم> رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لا أحصي يتسوك وهو صائم متن_ح> رسم> .
وأما الحديث الذي استدلوا به وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> استاكوا بالغداة... رسم> فهو حديث ضعيف.
وأما قولهم بأن التسوك فيه إزالة لخلوف فم الصائم وهذا لا يستحب لأنه أثر عبادة، فيقال عنه:
أولا: أن تعليلكم هذا يقابل النصوص الصحيحة الصريحة في سنية السواك للصائم ولغيره، فهو تعليل في مقابل النص.
ثانيا: أن ربط الحكم بالزوال منتقض؛ لأن رائحة الفم وهي الخلوف قد تحصل للصائم قبل الزوال؛ لأن منشأها خلو المعدة من الطعام، فلو لم يتسحر الصائم في الليل فإن معدته ستخلو مبكرة، أي قبل الزوال تقريبا.
ثالثا: أن بعض الناس قد لا توجد عنده هذه الرائحة للفم وهي الخلوف في صومه، إما لصفاء معدته، أو أنها لا تهضم بسرعة، فتكون هذه العلة منتقضة، وإذا انتقضت العلة انتقض المعلول؛ لأن العلة أصل والمعلول فرع.
رابعا: أما قياسكم ذلك على دم الشهيد فنقول بأننا قد أمرنا بأن نبقي دم الشهيد عليه؛ لأنه سيبعث يوم القيامة وجرحه يثعب لونه لون الدم وريحه ريح المسك، فلا ينبغي لنا أن نزيل هذا الشيء الذي سيوجد يوم القيامة وسيكون كرامة لهذا الشهيد كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما الخلوف فلم يأت فيه إلا أنه أطيب عند الله من ريح المسك.
خامسا: نقول أيضا أن السواك لا يزيل رائحة الخلوف- كما هو الواقع- لأن سبب الخلوف- كما سبق- هو خلو المعدة من الطعام، وليس سببه ما يحصل للفم من الوسخ ونحوه مما يزيله السواك.
مسألة>